هكذا ألقيامة وزلزالها
عندما تتشققُ الارضُ وتتصَدَعُ الجبالُ وتخُرُ ساجدةََ أمام بهاءِ الرب

وردت في الإنجيل عبارة " زوايا الارض الاربع" وكذلك عبارة " رياح السماءِ الاربعة" فما الفرق بينهما؟

لم يتطرق أحدُُ قط من يوم كتبت النبؤات والتوراة والانجيل إلى يومنا هذا إلى الفرق بين هذهِ العبارات , بل مرَّ غالبية البشر والمفسرين مرور الكرام على العبارتين وكأَنَ لا فرق بينهُما , وبألحقيقةِ هناكَ فرقُُ كبير فلو تَمَعَنا ودققنا النظر والتفكير فيهما نرى فرقاََ جذرياََ بينهُما, ولكن دعنا اولاََ نرى أينَ وردت العبارتان في النبؤات:

وردت عبارة " رياحِ ألسماء الاربعِ أو الرياح الاربع " في النبؤات التالية:

زكريا ( 2 - 6 ) , زكريا ( 6 - 4 ) , دانيال ( 7 - 2 ) , دانيال ( 8 - 8 ) , دانيال ( 11 - 4 ) ,
أرميا ( 49 - 36 ) , حزقيال ( 37 - 9 ) , متى ( 24 - 31 ) , مرقس ( 13 - 27 ) , الرؤيا ( 7 - 1 )

دانيال ( 7 - 2 ) : أخبرَ دانيال وقال , " رأيتُ في رؤياي ليلاََ فإذا بأربع رياحِ السماءِ قد هجمت على البحر الكبير .

وفي مرقس ( 13 - 27 ) : وحينئذِِ يرسِلُ ملائكتِهِ ويجمعُ مختاريهِ من الرياحِ الاربعِ من أقاصي الارضِ الى أقاصي السماءِ .

ووردت عبارة " زوايا الارض الاربع أو أطراف الأرض " في :

أشعيا ( 11 - 12 ) , وأشعيا ( 24 - 16 ) , حزقيال ( 7 - 2 ) , وألرؤيا ( 20 - 8 )

أشعيا ( 11 - 12 ) : ويرفعُ رايةَ للأُممِ ويجمَعُ منفي إسرائيل , ويضم مُشَتَتي يهوذا من أربعةِ أطرافِ الارضِ.

وفي حزقيال ( 7 - 2 ) : وأنت يا إبن البشرِ هكذا قال السيد الربُ إن لأرض إسرائيل إنقضاء , قد وردَ الإنقضاء على أربعة أطرافِ الارضِ .

نلاحظ من الفقرات ألسالفة ورود نوعين من العباراتِ في الكتابِ المقدسِ فأطراف الارض أو زوايا الارض هي التي يعني فيها الكتابُ تحديد المكان وهذه هي طبعاََ أطراف الارض الاربعة والمعروفة بالشمالِ والجنوبِ والشرقِ والغرب .

أما عندما يستعمل الوحي كلمة "الرياح الاربعة " فهذهِ تختلفُ تماماََ عن ألاطراف أو الزوايا حيثُ المقصود هو الزمان والمكان معاََ .

فلو أردنا أن نُحدِدَ أي شيْ في العالم فنعملُ على تحديدِ الاحداثيات الثلاثة الخاصة بهِ ( x , y , z ) من نقطة الانطلاقِ أو نقطة نعتبرُها نقطةِ المصدرِ , ولكن تحديد أية نقطة في العالم بهذهِ الطريقة يُحدِدُ مكانها , ولتحديد النقطة ( P ) وليس غيرها إذا مر الزمان أو تغير , فإنهُ لابُد من تحديد الزمان أيضاََ , فالنقطة موجودة في مكانها الان ولكنها قد لا تكون موجودة في الغد أو بعد غد فلذلك وجب تحديد المكان ثُم الزمان أيضاََ , فأنا موجودُُ الان في مكاني ولكن بعد قليل ساكونُ في مكانِِ آخر.

لذلك عندما يتكلمُ المسيح في وفي مرقس ( 13 - 27 ) عن جمعِ مختاريهِ فهو يُحددُ الزمان والمكان , فهناك مختاري لله في زمن آدم وفي زمن أخنوخ وفي زمن إبراهيم وفي زمن موسى وزمن المسيح وبعد المسيح ولغاية نهاية العالم . فعندما يرسل المسيح ملائكتِهِ ليجمع مختاريهِ عند صوتِ البوقِ الاخير فسيَجمعون المختارين أجمع من كل الازمنة والاماكن , أي من كل الازمنة التي مرت على الارضِ ومن كل الاماكن على وجه الارض , فلذلك يستعمل الوحي هنا كلمة الرياح فهنا كأنهُ يقول سوف نُرجِع الزمان الى الوراء من وقت النهاية الى وقتِ آدم ونجمعُ المختارين , كلُُ من مكانهِ وزمانهِ حيثُما وافاهُ الاجلُ.

فلو إستعمل لهُ المجد كلمة أُخرى بدل الرياح لما كان بإستطاعةِ سامعيهِ أن يفهموا لها معنى , خاصةََ إذا قال لهم سنجمع المختارين من الماضِ والحاضرِ والمستقبلِ وسنعيد الزمان الى الوراءِ , وسوف نسافرُ عبر الزمن الى الماضِ والمستقبل , لوقف سامعي المسيح لهُ المجد وقالوا هذا كلام مجانين. فلهذا إستعمل لهُ المجد كلمة الرياح لأنها تعطي معنىََ لآذانِ السامعين بالرغم من الابهام وإلتباس التي فيها , إلا أنها تُعطي معنى أشمل للذين يقرؤنها ويسمعونها على مَمَرِ الزمن والعصور , فاليوم لو قلتَ لأي شخص عن السفر عبر الزمن الى الماضِ أو المستقبل يقبل الفكرة بالرغم من عدم إستطاعةِ أحد لحد الان من السفر عبر الزمن .

والان دعنا نرى معنى الرياح الاربعة وكيف ستكون القيامة فنذهب الى حزقيال :

حزقيال ( 37 - 1 ) : وكانت علي يدُ الربِ فأخرجني الربُ بالروحِ ووضعني في وسطِ البقعةِ وهي ممتلئةُُ عظاماََ ( 2 ) وأمَرَني من حولها فإذا هي كثيرةُُ جداََ على وجهِ البقعةِ وإذا بها يابسةُُ جداََ ( 3 ) فقال لي يا إبنَ البشرِ أتُرى تحيا هذهِ العظامُ . فقلتُ أيها السيدُ الربُ أنت تعلمُ . ( 4 ) فقال لي تنبأ على هذهِ العظامِ وقُل لها أيتُها العظامُ اليابسةُ إسمعي كلمة الربِ ( 5 ) هكذا قال السيد الربُ لهذهِ العظامِ هاءَنذا أُدخِلُ فيكِ روحاََ فتحيين ( 6 ) أجعلُ عليكِ عصباََ وأُنشىُْ عليكِ لحماََ وأُبسطُ عليكِ جلداََ وأجعلُ فيكِ روحاََ فتحيين وتعلمين أني أنا الربُ. ( 7 ) فتَنَبَأتُ كما أُمِرتُ فكان صوتُُ عند تنبؤي وإذا بزلزالِِ فتقاربت العظامُ كلُ عظمِِ الى عظمهِ

( 8 ) ورأيتُ فإذا بالعصبِ واللحمِ قد نشأ عليها وبُسط الجلدُ عليها من فوقُ ولم يكن بها روحُُ ( 9 ) فقال لي تنبأ نحو الروحُ تنبأ يا إبن البشرِ وقُل للروحِ هكذا قال السيد الربُ هلُم أيُها الروحُ من الرياحِ الاربعِ وهب في هولاءِ المقتولين فيحيوا ( 10 ) فتنبأتُ كما أَمَرَني فدخلَ فيهم الروحُ فحيوا وقاموا على أرجُلِهِم جيشاََ عظيماََ جدا جداََ . ( 11 ) فقال لي يا إبن البشرِ هذه العظام هي آ لُ إسرائيلَ بأجمعِهِم. ها هُم قائلون قد يبست عظامنا وهلك رجاؤُنا وإنقطعنا ( 12 ) لذلك تنبأ وقل لهم هكذا قال السيد الربُ هاءَنذاا أفتحُ قبوركم وأُصعدكم من قبوركم يا شعبي وآتي بكم الى أرضِ إسرائيل ( 13 ) فتعلمون أني أنا الربُ حين أفتحُ قبوركم وأُصعدكم من قبوركم يا شعبي ( 14 ) وأجعلُ روحي فيكم فتحيون وأُريحكم في أرضكم فتعلمون أني أنا الربُ تكلمتُ وفعلتُ يقول الربُ ( 15 ) ...... ( 25 ) ويسكنون في الارض التي أعطيتُها لعبدي يعقوب التي سكن فيها آباؤُكم فيسكنون فيها هم وبنوهم وبنو بنيهم الى الابدِ وداؤد عبدي يكون رئيساََ لهم الى الابدِ ( 26 ) وأبتُ لهم عهد سلامِِ عهد أبديُُ يكونُ معهم وأؤسسهم وأُكثرهم وأجعلُ مقدسي في وسطهم الى الابد ( 27 ) ويكون مسكني معهم وأكون لهم إلهاََ ويكونون لي شعباََ ( 28) فتعلم الأُممُ إني أنا الربُ المقدِسُ لإسرائيلَ حين يكون مقدسي في وسطهم الى الابد.

نرى هنا عظاماََ يابسة منتشرة متداخلة مع بعضها ولأجسادِِ كثيرة لناسِِ مقتولين , يحومُ النبي حولها وكما لو كان طائراََ فوقها وفوق البقعة , وعندما يقول حزقيال للعظام إسمعي كلمة الرب ( كما أُمِرَ ) نأتي الى كلام السيد المسيح حين يقول " أنا القيامة والحياة"

يوحنا ( 5 - 25 ): الحق الحق أقولُ لكم إنها تأتي ساعة وهي الان حاضرة يسمعُ فيها الاموات صوت إبن الله والذين يسمعون يحيون .

أي لما يسمع الاموات والعظام كلام الرب يقول قوموا يقومون , وهنا تحصلُ زلزلة القيامة زلزلة وقوف الزمان ثُم رجوعه الى الوراء , وتبدأ الرحلة العكسية للفساد , ويبدأُ البناء وتتقارب العظام كلُُ الى صاحبهِ , أي عظام كل جسدِِ الى عظامها , أي عظام نفس الهيكل العظمي , ثم إعادة بناء اللحم والعصب فوق الهيكل العظمي , ثُم عندما يكتمل كل شيْ مكانه كما كان يُبسط الجلد فوقها , وهنا نرجِعُ الى اللحظةِ التي قُتِلَ فيها هولاء المقتولين وهم أجساد أموات , وهنا نرى إنها غير قادرة على الحركة , فهم أموات ثُم يقول الرب : "أأمر الروح من الرياح الاربع أن يهب في هولاء المقتولين", أي ليرجع روح كل واحد من زمان ومكانِ موته ويهب في جسدهِ . فعندما يدخل روح كل واحد فيهِ يعود الى الحياة وتكون القيامة . وكأنهُ لم يمت ولم يرى الموت , كأنهُ كان نائماََ . وهذه هي نفس العبارة التي يستعملها له المجد عندما يُقيم الاموات كما في:

يوحنا( 11 - 11 ) ....... ثُم قال لهم إن لعازر حبيبنا قد رقد لكني أنطلِقُ لاوقظَهُ .

وفي متى ( 9 - 24 ): فقال تنحوا إن الصبية لم تمت ولكنها نائمة فضحكوا منهُ .

نعم هكذا الموت للخالق هو الرقاد والنوم , فإن أُرجِعَ الزمن عاد من التراب الى الحياة فهذا تصورنا نحنُ , فربُ الزمن يقول قوموا فيقومون , يقول كُن فيكون , فالزمنُ الماضِ هو الحاضر وهو المستقبل , والزمنُ لنا وليسَ للخالِقِ .

بقلم / ألمهندس نوري كريم داؤد

5 / 9 / 3 9 9 1 



"إرجع إلى ألمجلة"

 


مقتطفات من الانجيل

زكريا ( 2 - 6 ) : هيا هيا إهربوا من أرضِ الشمالِ يقول الربُ فإني قد بثَثتُكُم نحو أربع رياحِ السماءِ يقولُ الربُ.

وفي زكريا ( 6 - 4 ) : فأجبتُ وقلتُ للملاكِ المتكلم معي ما هذهِ يا سيدي ( 5 ) فأجابَ الملاكُ وقال لي هذهِ رياح السماء الاربع التي تخرج من الوقوفِ أمام سيدِ الارضِ كُلها ( 6 ) فألافراس الدُهم التي فيها خرجت الى ارضِ الشمالِ والبيضُ خرجت خلفهاوالنُمرُ خرجت الى أرضِ الجنوبِ ( 7 ) والقويةُ خرجت وطلبتِ الذهابَ لتجولَ في الارضِ. وقالَ إذهبي وجُولي في ألارضِ فجالت في الارضِ.

وفي دانيال ( 8 - 8 ) : فتعاظمَ تيسُ المعزِ جداََ , وعند إعتزازِهِ إنكَسَرَ القرنُ العظيم وطلعَ من تحتهِ أربعةُ قرونِِ عجيبة المنظرِ نحو أربعِ رياحِ السماءِ .

وفي دانيال ( 11 - 4 ) : وكقيامِهِ تنكسِرُ مملكتِهِ وتنقَسِمُ الى رياحِ السماءِ الاربع ولا لعقبِهِ ولا حسبِ سلطانهِ الذي تسلطهُ بهِ , لأن مملكتهِ تنقرضُ وتكون لأخرين غيرِ أولئك.

وفي أرميا ( 49 - 36 ) : وأجلِبُ على عيلام أربع رياح من أربعةِ أطرافِ السماءِ وأذريهم بكلِ هذهِ الرياح ولا تكون أُمةُُ إلا ويأتيها منفيو عيلام.

وفي حزقيال ( 37 - 9 ) : فقال تنبأ نحو الروحِ تنبأ يا إبن البشرِ وقُل للروحِ هكذا قال السيد الربُ, " هَلُم أيُها الروح من الرياحِ الاربعِ وهِب في هولاءِ المقتولين فيحيوا."

وفي متى ( 24 - 31 ) : ويَرسِلُ ملائكتِهِ ببوقِِ وصوتِِ عظيمِِ فيجمعونَ مُختاريهِ من الرياح الاربع من أقاصي السماواتِ الى أقاصيها .

وفي الرؤيا ( 7 - 1 ) : وبعد ذلك رأيتُ أربعة ملائكة قائمين على أربعِ زوايا الارضِ يضبطون رياحَ الارضِ الاربعةِ لكي لا تهب ريحُُ على الارضِ ولا على البحرِ ولا على الشجرِ.


وأشعيا ( 24 - 16 ) : من أطرافِ الارضِ سمعنا ترنيمةََ " مجداََ للبارِ ".

ورؤيا ( 20 - 8 ) : ويخرج ليضل الأُممَ الذين في أربعِ زوايا الارضِ جوج وما جوج ليجمعهم للحربِ الذين عددهم مثل رمل البحرِ.